تحديات ما بعد حرب غزة

تحديات ما بعد حرب غزة

كوردستان - الافتتاحية

الشرق الأوسط، مسرحٌ للأحداث المتسارعة، والصراعات المتشابكة، والتحالفات المتغيرة. غالب الظن أنه فيما بعد حرب غزة الأخيرة، سيزداد المشهد تعقيدًا، وتتضاعف التحديات، وتتنافس الأطراف الإقليمية والدولية أكثر على بسط نفوذها في المنطقة.
في المدى المنظور؛ تُعدّ تسوية الوضع في غزة أولوية قصوى، لكنّها تبدو معقدة في ظلّ غياب توافق دولي حول شروطها، ووجود أجندات متضاربة بين الأطراف الفاعلة. والحال أن الأوضاع في المنطقة تشبه حربًا عالمية صغيرة، حيث تتنازع القوى الكبرى على النفوذ، وتستخدم وكلاء محليين لتنفيذ أجنداتها. لكنّ هذه الحرب، لن تُفضي إلى انتصار طرفٍ على آخر، بل ستُؤدّي إلى مزيد من الدمار والمعاناة.
تظهر إيران لاعبًا رئيسيًا، تعمل من خلال أذرعها على توسيع نفوذها، ممّا يُفاقم من التوترات في المنطقة. من جهة أخرى؛ تُمثّل العلاقات بين تركيا والعراق أهمية ذا تأثير كبير.
في هذا الإطار، تُعدُّ الزيارة المرتقبة للرئيس التركي إلى العراق خطوة هامة نحو تحسين العلاقات بين
البلدين، من شأنها ترتيب الأوضاع في المنطقة، قبل تسوية في غزة. كما ذكرنا أعلاه؛ التحديّات التي تواجه الشرق الأوسط كبيرة، لكنّها ليست مستعصية على الحلّ. فمن خلال الحوار والتوافق في أجندات
الدول المؤثرة، يمكن تحقيق السلام والاستقرار وترتيب أولويات المنطقة.
وعليه، يُمكننا القول أنّ: تسوية الوضع في غزة تتطلّب توافقًا دوليًا حول شروطها، بالإضافة إلى تخفيف التوتر وحل القضايا الإقليمية ومنها القضية السورية، ومحاولة إنهاء معاناة السوريين، والتي يجب أن تكون أولوية.
لا يمكن تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط إلا من خلال التوافقات الدولية، والمجتمع الدولي
معني بذلك ويجب عليه تحمل مسؤولياته. يفترض بجميع الأطراف المعنية الاًلتزام بالحوار والتفاوض البناء والمنتج والمجدي، لحلّ الأزمات. التخلّي عن الأجندات الضيقة، ووضع مصالح شعوب المنطقة في مقدمة أولوياتها، هي ضرورة استراتيجية أخلاقيا وسياسيا واقتصاديا، بغية الخروج من المآزق العمياء التي تحولت الى ثقوب سوداء تمتص دماء وخيرات الشعوب والمجتمعات. لأن المصلحة العامة الكبرى التي تنضوي تحتها سقفها مصالح كل الأطراف، تكمن في أن تكون المنطقة آمنة وهادئة، وتخطو نحو النهوض من النكبات ومن تحت الركام والأنقاض نحو غد أفضل، وصولً الى التعاون معًا لبناء مستقبل شرق أوسطي مزدهر، تُنعم فيه شعوبه ومجتمعاته وأوطانه بالسلام والاستقرار.