سليمان كرو.. وداعاً

سليمان كرو.. وداعاً

عمر كوجري

في اليوم الأخير من شهر آذار، يقرّر الصديق والزميل الإعلامي الهادئ والرزين سليمان كرو .. الرحيل بعيداً عن هذا العالم المليء بالأوجاع.. يقرّر الرحيل، بعد معاناة فظيعة مع المرض الخبيث، ولأكثر من سبع سنوات، حيث كان في كل نوبة وجع يلاقي الموت بعينه.. كنا نتواصل بين الفينة والأخرى، وفي كل مرة كنت أذوب من الوجع على حاله التي أدخلت الأسى والحزن والغمة إلى قلوبنا.. تعرفتُ إلى الصديق سليمان كرو، والتقينا العام 2013 قبيل انعقاد المؤتمر التأسيسي لنقابة صحفيي كوردستان- سوريا بوجود الراحل جوان ميراني، أول نقيب لصحفيي كوردستان- سوريا، وكانت لديه أفكار جميلة، ومشروع طموح في العمل الإعلامي كونه كان ذا خبرة في هذا المجال، وقد عمل مع زميلات وزملاء له من أجل التحضير لعقد المؤتمر.. وعُدّ بحق من مؤسسي النقابة.
كانت ثمة قرار بعدم وجوب ترشيح اللجنة التأسيسية لأي من المناصب في المؤتمر المنعقد، فالتزم بالقرار، وبعدها آثر العمل مع النقابة خارج الأطر المناصبية، والقيام ببعض الأنشطة الإعلامية، وتخريج الدورات للمتدربين باسم النقابة، وكنا نهيئ له كل الظروف لإنجاح أفكاره، ومشاريعه.
شخصياً أشرفتُ على تخريج عدة دفعات من طلابه باسم النقابة، ورأيت في طلابه الجدية والاندفاع لكسب المزيد من العلوم والمعارف في عالم الإعلام، وكان دائماً يقول: أفتخر وأنا مبتهج لأن الكثير من طلابي وطالباتي استفادوا من الدروس التي تابعوها معي، وصار بعضهم يعمل في القنوات الفضائية الكردية، والمواقع الإلكترونية، هنا في كوردستان، فقد كانت لدى الراحل سليمان كرو أسلوب جميل، وأفكار نيّة
وواضحة، وأمثلة تطبيقية عالية المستوى، ومتابعة للطلبة الذين كانوا يدرسون لديه سواء بشكل مباشر إن في مقر نقابة الصحفيين، أو في أماكن ومكاتب كان ينسّق معها، فقد كان يتابعهم حتى بعد تخرجهم من دوراته، ويحثهم على المتابعة لأن عالم الصحافة ليس سهلاً، وكنت دائماً أقول لمتخرجيه: أنتم تعلمتم من الأستاذ سليمان بعض الأفكار والعلوم التي ستعينكم في القبول والنجاح في فحص المقابلة على الوظيفة التي ستتقدمون إليها، ولكن هذا ليس كافياً.. عليكم المواظبة على المطالعة، وحتى قراءة الكتب الهامة من منهاج كليات الإعلام حتى تصقلوا موهبة الإعلام والصحافة في ذواتكم بشكل أفضل، وأقرب للتلقي الأكاديمي، وبالفعل فقد كان يقول لي أن هناك أكثر من ثمانين من طلابه نجحوا في عملهم كإعلاميين، وكان يذكر لي الأسماء اللامعة الذي درسوا عنده.
المرض اللعين منذ سنوات فتك بجسده الواهن .. التعب، لكنه كان رجلاً شجاعاً في مواجهته، ومواجهة فظاعة الألم. هنا في كوردستان كان يلاقي الاهتمام الكبير، ويتلقى الجرعات في موعدها، وكان لحزبنا الديمقراطي الكوردستاني -سوريا دور هام في رعايته وتسهيل أموره الصحية في مشفى معالجة السرطان، وتغطية النفقات والأعباء المالية جراء التصوير الشعاعي والتحاليل الطبية.. وكان يفصح بهذا الأمر على الدوام.. في غيابك الأبدي.. المجد لروحك أيها الصديق النبيل.