خمس جرائم عنصرية متزامنة.. عفرين إلى أين؟

خمس جرائم عنصرية متزامنة.. عفرين إلى أين؟

شيخو عفريني

«جميعنا معرّضون لمثل هكذا جرائم القتل المباح من قبل شيوخ الفتنة الذين برروا قتلنا، ويعتبروننا كفرة، وبالتالي هؤلاء لا يرتكبون أخطاء ولا هم يحزنون» اختصرها صديقٌ وأخ لي بجملةٍ واحدة، الوضعَ في عفرين ونواحيها، تعقيباً على الجريمة العنصرية النكراء بحق الطفل الشهيد أحمد خالد معمو (مدة) الذي قتل بطريقة وحشية ممنهجة، وذبح من وريده، وألقي بجثته إلى بئر في قرية تل سلور في مدينة جنديرس بتاريخ 14 من شهر آذار. تلك الجريمة التي هزّت ضمائر البشرية، لما فيها من مظلوميةٍ وحقد وكراهية وإرهاب وترهيب، وضجت الجريمة، واحتلت مواقعَ التواصل الاجتماعي من إداناتٍ واستنكاراتٍ وشجب ورفض، ومطالبات بإحقاق الحق وتحقيق العدالة.

إن ما حصل مع الطفل الشهيد أحمد، نابع عن حقد دفين من قبل المدعو "يامن إبراهيم" المستوطن العربي، فليست حادثةً عابرة، حاصلة بين مراهق طُرد من العمل؛ وأراد الانتقام، بل هي جريمةٌ ممنهجة عن سبق الإصرار والتنفيذ. أما السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان، لماذا لم ينتقم من ربّ العمل الذي طرده، بل صبّ نار حقده على ابنه الطفل البريء، واستدرجه إلى مكان ناءٍ ليقتله ويذبحه، ويلقي بجثته إلى البئر؟ من أين استمد هذه الخلفية الإرهابية؟ كيف تغذّى، وتعلّم، واستلهم هذه الثقافة الانتقامية الدموية العنصرية؟ إن لم يكن قد شُحن بتلك الدروس العنجهية الممنهجة، مراتٍ وسنوات.
هذه الجريمة ليست الأولى، بل في فترة قصيرة منذ بداية العام الجاري، حصلت خمس جرائم عنصرية بحق الكورد المتبقين في عفرين:

1- الاعتداء على المسن الكوردي عمر أحمد علو وهو من أهالي قرية بركاشة - ناحية بلبل 20 كانون الثاني.
2- الاعتداء بشكل وحشي على المسنيْن حميد يوسف وزوجته فاطمة في قرية مامالا التابعة لناحية راجو، 9 كانون الثاني من قبل مجموعة مُسلّحة دخلت من حاجز القرية، وخرجت منها آمنين مطمئنين، علماً أن المجموعة جاءت بهدف السرقة ووصلت إلى هدفها بسرقة المصوغات والدولارات الموجودة في المنزل، وعدد من الأجهزة الخليوية بعد ربط المسنين وأولادهم.
3- طعن الطالب الكوردي شيار إبراهيم عمر 25 شباط، بعدة سكاكين بهدف القتل في ثانوية ناحية ماباتا بعدة سكاكين من قبل طلاب عرب مستوطنين وتهديد معلمهم الكوردي.
4- جريمة الشهيد أحمد خالد 13 آذار، أما الخامسة فكانت بعد يومين من جريمة الشهيد أحمد خالد معمو، وهي جريمة طعن بالسكاكين بحق الطفل رودي محمد جقل 16 عاماً في مركز المدينة.

بالعودة إلى تصاريح ذوي الشهيد أحمد، أكدت والدته أن ذنبهم الوحيد هو أنهم خلقوا كورداً "في السنة الماضية كانت بحق عائلة بيشمرك، واليوم بحق ابننا والسنة القادمة ستكون بحق ابنكم". وهذا ما يؤكد أن الجريمة عنصريةٌ بحتة، وذلك بسبب تكرار الحوادث والجرائم الإرهابية والترهيبية بحق الشعب الكوردي، سوءاً من فصائل الجيش الوطني أم من المستوطنين العرب.
المجلس الكردي وما يترتب عليه
في كل مرّة ندعو فيها المجلس الوطني الكوردي في سوريا إلى القيام بواجبه الوطني والقومي تجاه الشعب الكوردي في المنطقة واتّخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة للحدّ من الانتهاكات الجسيمة بحقّ شعبنا، وضرورة فتح مكاتبها هناك. كما يترتب على الائتلاف السوري والحكومة السورية المؤقتة أن تنفذ بنود ما جاء في اجتماعاتها، ولا سيما الأخيرة التي أكّدت على محاسبة الجناة والقتلة وإعادة الممتلكات العامة والخاصة المسلوبة من الكورد، وفتح معابر آمنة للمهجرين الكورد ليتمكنوا من العودة إلى مسقط رأسهم. وأتمنّى من سماحة مفتي وأعضاء المجلس الأعلى للفتاوي أن يكونوا مرة واحدة منصفين، ويصدروا بياناً يدينون فيه الجرائم والتجاوزات والممارسات اللاإنسانية واللاأخلاقية في عفرين وريفها ولا تقتصر بياناته في ممارسات النظام وحكومة الإنقاذ.
عفرين كوردستانية وستبقى
همسة أخيرة في آذان المستوطنين، عفرين كوردستانية كانت وستبقى، والكورد النازحون واللاجئون والمهجرون يعودون أدراجهم شئنا أم أبينا، فلا تستطيع أن تستولي على ممتلكات غيرك وتحوّلها إلى إمارة خاصة بك، أما الفصائل التي تعيث فساداً في المنطقة فالجبهات بانتظاركم والنظام السوري باقٍ في دمشق والأسد موجود هناك، فلا تستقووا على الضعفاء والأبرياء والعُزّل، فلا بد أن يأتي يوم تشخص فيه الأبصار...

أخيراً وليس آخراً، هذه رسالةٌ لإدارة ب ي د التي حوّلت مخيّمات مهجّري عفرين في الشهباء بريف حلب، إلى سجن كبير كُرمى لبلدتي نبل والزهراء، لا بدّ من كسر حاجز الخوف والعودة إلى أرض الآباء والأجداد، منعاً للتغيير الديمغرافي وطمس الهوية الكوردية والكوردستانية لعفرين.