البارزاني الخالد أيقونة الأمة الكوردستانية

البارزاني الخالد أيقونة الأمة الكوردستانية

شيركوه كنعان عكيد

‎ تزخر صفحاتُ التاريخ الكوردي بأسماء شخصيات تاريخية، تركت بصمتَها المؤثرة في حياة ومصير شعبنا الكوردي، وتكوين وعيه القومي والوطني، خاصة في المراحل التاريخية المُبكّرة من تشكُّل ذلك الوعي، من خلال تأثيرها المباشر أو غير المباشر في توجيه مسار التاريخ وترسيخ القيم الوطنية والقومية في مختلف أجزاء كوردستان.
‎ لا يخفى على أحد الدور الكبير والتأثير الهائل للزعيم الخالد الملا مصطفى البارزاني كأحد أبرز تلك الشخصيات في تكوين الوعي السياسي لأبناء شعبنا بمختلف شرائحه وفي أجزاء كوردستان الأربعة، والمكانة العظيمة التي حَظِي بها والتي جعلت منه أيقونة الأمة الكوردستانية، ونبراساً منيراً ورمزاً خالداً للنضال الدؤوب والمثابرة الحثيثة لتحقيق أهداف الشعب وطموحاته في التحرُّر من الاضطهاد والتمييز والإنكار، وحماية وجوده وحقه في حياة كريمة حرة على أرضه التاريخية.
‎ كان البارزاني الخالد بالإضافة إلى كل صفاته الآنفة الذكر يتمتع خاصة برؤية واضحة للمستقبل، ويعلن عنها بشكل ملهم، وكانت قدرته على استقراء المستقبل تنطوي على حكمة لا متناهية.
حين سلم القائد الخالد عام 1937 مذكرة إلى منظمة الصليب الأحمر الدولي في مدينة جنيف حول قيام الجيش العراقي بتخزين الغاز السام، كان موقنًا أن ذلك الغاز السام سيستخدم ضد شعب كوردستان، وقد أثبتت الأحداث اللاحقة أنه كان محقاً في رؤيته.
‎إن وفرة ما كتبه الآخرون عن حياة ونضالات هذا الرجل العظيم تجعل المرء شبه عاجز عن الإسهاب في الحديث عنه، فقد أحاط المهتمون بشخصيته الفذة، بكل صغيرة وكبيرة فيها، بمن فيهم أعداؤه الألداء فلم يسعهم إلا الحديث عنه بكلّ احترام وتقدير بوصفه خصماً صلب الإرادة، عنيداً لا يعرفُ الاستسلام أو المهادنة، ولا يخشى مواجهة أشّد المخاطر والصعاب، ولا يتردد في بذل التضحيات مهما بلغت. وكان هّم حياته كلها إلى يوم رحيله هو قضية شعبه التواق الى الحرية.
والحق يقال، إن قلة من العظماء فقط هم من يحظون باحترام حتى أعدائهم، ولعلنا لا نجافي الصواب إن قلنا أنه كان من أكثر الشخصيات الكوردستانية تأثيراً على مسار تاريخنا الحديث وحاضرنا الذي نعيش فيه، بحكم ما قدّمه من إسهامات وتضحيات طوال حياته، وما تركهُ لنا من تراثٍ زاخرٍ بعد رحيله إلى جوار ربه.
‎ إننا حين نستذكره، ننسى أنه قد رحل عنا فعلاً، لأنه لا يزال يحيا في قلوبنا وعقولنا بشخصه وفكره وحكمته ونهجه الكفيل بإيصالنا الى أهدافنا وتحقيق أحلامنا التي نصبو إليها.
‎إن الإرث النضالي الغني الذي تركه لنا الخالد بكل ما فيه من دروس وتجارب وعبر وخبرات، هو أمانة في أعناق كل الكورد الشرفاء والمخلصين، لأنه نتاجُ تضحياتٍ كبيرةٍ لا حدود لها من الجهد والعرق والدماء الزكية.
‎ ترك لنا الخالد أبناء وأحفاداً صانوا الأمانة، وحافظوا عليها بكلّ جدارة، ولا يزالون يبذلون على نهجه كلّ جهدٍ ممكنٍ من أجل تعزيز المكتسبات والإنجازات الكبيرة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً لتمهيد الطريق لمستقبل أكثر إشراقاً لأبناء شعبنا الكوردستاني، في ظل ظروف محلية ودولية وإقليمية غاية في التعقيد والصعوبة خاصة ما حدث، ويحدث مؤخراً من محاولات النيل من الإقليم وكسر إرادته بتخطيط وتوجيه من ملالي ايران وبأيدي أذرعها وذيولها في المنطقة.
‎ لكن شعبنا الكوردي وبيشمركة كوردستان الأبطال سيكونون دائماً السد المنيع والحصن الحصين للذّود عن أرض الوطن وحماية المكتسبات القومية والوطنية لأن كل ما تحقق لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج عشرات السنين من الكفاح والنضال والتضحيات الباهظة، فهم أبناء البارزاني الخالد، وأبناؤه لا يحق لهم إلا أن يكونوا منتصرين.