الأمنيات وحدها لا تبني الأوطان

الأمنيات وحدها لا تبني الأوطان

عبدو أحمد

في الحديث عن حرية الفكر والفرد يقول ألبرت أينشتاين «كل شيء عظيم خلقه إنسان حرّ»، ونحن الكورد في سبيل سعينا للحريّة لا بدّ لنا أن نتحرّرَ أولاً من الرّواسب التي تعيقُ طريقَنا نحو غدٍ أفضل نتأمّله، أو نخطّط له في أفضل الأحيان.
عاش الإنسان الكوردي الويلات منذ سنين غابرة بعد اتفاقية سايكس – بيكو عام 1918 التي قسمت جغرافية كوردستان بين عدة دول مارست على هذا الشعب أقسى أنواع الاضطهاد في محاولةٍ منها لطمس هوية شعبٍ يعيش على أرضه التاريخية، ويمتلك كل المقومات التي تؤهله لإقامة كيانٍ خاص به، لكن في العقود الأخيرة أصبحت الظروف مواتية للشعب الكوردي في الجزء الجنوبي من كوردستان لإنشاء كيانٍ خاص بهم، وها نحن اليوم نرى النتائج على الأرض، فقد أصبح إقليم كوردستان منارةً للكورد في الأجزاء الأخرى والمهجر، إذاً حين يظفر الشعب بحريته يُبدِعُ في شتى المجالات.
بالنظر إلى تجربة الإقليم ماذا يتوجّب علينا نحن في الجزء الغربي من كوردستان في ظل التغيرات التي تجري في سوريا كي نغتنم الفرصة، ولا نرثيها بعد سنين على أطلال الأمنيات؟
يقول فولتير «يصبح الإنسان حراً في لحظة تمنيه لذلك»، للإنسان الكوردي العديد من الأمنيات وخاصة فيما يخصُّ الظفر بالحرية، لكن الأمنيات وحدها لا تكفي، كلُّ أمنية يجب العمل عليها وفق خطط مدروسة موجّهة لتحويلها إلى واقع حين تصبح الظروف مواتية.
في الجزء الغربي من كوردستان وبعد ثلاثة عشر عاماً على انطلاق الثورة السورية ومرورها في مراحل كثيرة لا يزال الكوردي تائهاً بين الواقع والأمنيات، يواجهُ مصيرَه وسط هذا الكم الكبير من الخطط والمشاريع التي تُنفذ على أرضه ورغماً عنه، هذه الأمنيات التي ستُدفن مع مرور السنين في المقابر الإجبارية المخططة بأيادٍ خارجية ما لم تُوجَّه وفقَ دراسةٍ واقعية تحفظ لهم حقوقهم المشروعة في سوريا جديدة قادمة لا محالة رغم محاولات حلفاء النظام تأجيلها بشتى الوسائل المتوفرة.
هنا لا بد من الإشارة إلى أن التيار القومي المتمثل بالمجلس الوطني الكوردي يتحمّل مسؤولية تصقيل أمنيات هذا الشعب وتحويلها إلى واقع، وأي فشل في هذا الصدد يتحمّله المجلس الكردي لا غيره كون الطرف الآخر المتمثل بحزب الاتحاد الديمقراطي بعيدٌ كلّ البعد عن التطلُّعات القومية للكورد، وممارساته بعد استلام سلطة هذا الجزء من كوردستان من النظام السوري خير دليلٍ على ذلك.
يجب على المجلس الوطني الكوردي تدريب الإنسان في غربي كوردستان على التفكير بشكلٍ حر والابتعاد عن الولاءات الحزبية الضيّقة في ممارساته وأفعاله مفضّلاً المصلحة القومية العليا في نضاله، وعليه أيضاً تحمُّل المسؤولية التاريخية لمواكبة التطوُّرات فيما يخصُّ الوضع في سوريا وإنقاذ الشعب الكوردي من براثن حزب الاتحاد الديمقراطي ومخططاته، وهذا يتطلب مزيداً من العمل الميداني بين الجماهير واحتواء كافة شرائح المجتمع وتوجيهها نحو ترجمة الأماني لواقعٍ يلبّي البعض من طموحاتهم.
لا بد لنا من التذكير بقول نيتشه «الحرية هي الرغبة بأن نكون مسؤولين عن أنفسنا»