الأوضاع الدولية والإقليمية: قيدٌ على الحل السياسي في سوريا

  الأوضاع الدولية والإقليمية: قيدٌ على الحل السياسي في سوريا

كوردستان- الافتتاحية

تُعاني سوريا منذ أكثر من عقد من حربٍ طاحنةٍ خلّفت وراءها دماراً هائلاً وأزمةً إنسانيةً عميقة، وبات الحل السياسي المنشود بعيد المنال، بينما تتأرجح الأوضاع بين تصريحاتٍ متباينةٍ في الأوساط السياسية والحديث عن انسحاب أمريكيٍ غامضٍ يُثير تساؤلاتٍ حول مصير المنطقة وشعوبها.
تلعب التوترات الدولية والإقليمية دورًا رئيسيًا في تأجيل الحل السياسي في سوريا، حيث تُعقد مصالح الدول المتدخلة في الصراع العملية السياسية، وتُعيق أي تقدمٍ حقيقيٍ نحو حلٍ شاملٍ يُرضي جميع الأطراف لاختلاف، وتعارُض أجندات الدول الكبرى كالولايات المتحدة وروسيا في تعطيل مسار كل من جنيف والاستعاضة عنها بآسيتانا من جهة، وكل من تركيا التي ترغب بالحوار مع النظام، وإيران المتدخلة والمتغلغلة في سوريا أمنياً وعسكرياً واقتصادياً من جهة أخرى.
تضجُّ المنطقةُ بتصريحاتٍ متباينةٍ حول مستقبل سوريا، بينما يُثير الانسحاب الأمريكي من العراق وسوريا تساؤلاتٍ حول جديّة الولايات المتحدة في التزامها بالمنطقة، ومدى تأثير ذلك على مسار الأزمة السورية أم أنها مجرّد تصريحات من أجل المنافسة في الانتخابات الأمريكية المقبلة؟؟ وسعي الحزبين الرئيسين فيها إلى كسب أصوات الناخبين المؤيدين لعودة الجنود الأمريكيين إلى بلادهم وعدم صرف المزيد من الأموال هناك.
مع كل يومٍ يمرّ، تزداد معاناةُ السوريين، ويُصبح الحل السياسي أكثر إلحاحًا. فالملايين من النازحين واللاجئين يتوقون للعودة إلى ديارهم، بينما يُعاني من تبقّى داخل سوريا من أوضاعٍ اقتصاديةٍ صعبةٍ ونقصٍ في الخدمات الأساسية.
في ظل تصارع القوى الدولية المؤثرة في المنطقة، يبقى مستقبل سوريا غامضًا. فانسحاب الولايات المتحدة قد يُخلّف فراغًا يُمكن أن تُملأه قوى أخرى، ممّا قد يُؤدّي الى تقليل نفوذ أمريكا في المنطق ويستفيد خصومها من ذلك وكذلك تعد هزيمة بإعطاء المجال للميليشيات وقوى الإرهاب في المنطقة بالتالي يؤدي إلى مزيدٍ من التوتر والصراع الذي يخلق عدم الاستقرار والى مزيد من الهجرة.
لا مخرج من الأزمة السورية إلاّ من خلال حلٍ سياسيٍ شاملٍ يُرضي جميع الأطراف. فالمماطلة والتأجيل لن يُؤدّي إلاّ إلى تفاقم الأزمة وزيادة معاناة السوريين.
يجب على المجتمع الدولي وكل قوى السلام والديمقراطية أن تتكاتف من أجل إيجاد حلٍ سياسيٍ عاجلٍ للأزمة السورية، وأن تمارس ضغطًا على جميع الأطراف للوصول إلى اتفاقٍ يُنهي الصراع، وتُعيد الاستقرار إلى المنطقة، وأيضاً على المعارضة الوطنية السورية تعزيز تلاحمها وتشاركها لطمأنة أبناء الشعب السوري بالشراكة الحقيقية وان تكون سوريا لكل السوريين دون تمييز أو إقصاء.