النخب السورية..وتقييمهم للمسألة الكردية في سوريا
عمر كوجري
منذ اندلاع الثورة السورية، انتبهت النخب السياسية والثقافية السورية بمختلف مشاربها وأشكالها، وأطيافها بالمسألة الكردية، وتعرّفت عن قرب عن حال ووضع الكرد في غربي كوردستان، هذا التعرّف شمل طوائف وقوميات وإثنيات أخرى تتعايش في سوريا منذ عقود، ومع بداية تشكل الدولة السورية.
وكان للأنظمة المتعاقبة، وعلى وجه الخصوص نظام البعث دور في ضرب الجماعات السورية ببعضها البعض، ونجحت في التأسيس لجدار العزلة بين هذه الجماعات التي انكفأت على نفوسها، ودخلت في قوقعتها القومية أو الطائفية أو الدينية والمذهبية.
الكرد في سوريا ليسوا حالة طارئة أو نازحة من حدود قريبة بسبب ظروف الحروب والتصفيات العصبوية بين الجماعات المتقاتلة كما يزعم بعض الباحثين المقيمين في حدود وإطار هذه العصبويات اللاغية للآخرين.
النخبة الثقافية والمعرفية والمؤسسة السياسية والحزبية الكردية ترى في الحالة الكردية ليست إضافة رقم سكاني على مكونات سوريا كانت مستقرة في سوريا، بل ترى أن الوجود الكردي في سوريا امتداد طبيعي وجغرافي وإرادة كردية ثابتة في أن هذا الجزء من كوردستان هو الجزء المسمى «كوردستان الغربية» وملحق لسوريا بمفاعيل اتفاقيات دولية خارجة عن إرادة الكرد، وبالتالي ألحقت هذا الجزء من كوردستان إلى سوريا، وهذه حقيقة يقر بها الكرد في سوريا، بمختلف انتماءاتهم السياسية والثقافية والمعرفية.
لكن على الطرف الآخر، يجد السوري سواء أكان عربياً أو من أية أرومية قومية أخرى أن الكردي السوري إنما يعيش في أحلامه، وليست هناك واقعة تاريخية اسمها كوردستان، وأن الكرد الموجودين حالياً في سوريا هم من نزحوا من الجارة تركيا بعد فشل الثورات والانتفاضات الكردية التي اندلعت ضد مؤسسات الحكم في تركيا، وخاصة ثورة الشيخ سعيد بيراني التي قامت في جنوب شرق تركيا ضد سياسة التتريك والتعسف التي انتهجتها حكومات مصطفى كمال أتاتورك المتعاقبة بحق الأقليات في العام 1925.
ويقر هؤلاء أصحاب هذا الطرح والرأي أنهم نزحوا إلى البلد الأقرب سوريا، بطبيعة الحال هذه نظرة ضيقة وتعبر عن قصور معرفي للنظر في حال الأمم والجماعات البشرية.
النخب الثقافية والسياسية في سوريا تنظر للموضوع أو المسألة الكردية على أساس وطني بحت، وترى خاص الموضوع الكردي في سوريا ديمقراطية تقر بحق جميع المكونات السورية وحماية إرثها وفلكلورها وأغانيها، وتتكفل الدولة بالاهتمام بحال لغتها، والسماح بنشر كتبها وصحفها باللغة الكردية، وليس أكثر من هذا الإطار.
بينما النخب السياسية وإلى حد كبير النخب الثقافية الكردية في سوريا، لا ترى ان الحل الأمثل لهذا الموضوع أقل من الاتحاد الفيدرالي والحكم الذاتي وإدارة المناطق التي أغلبيتها من الكرد بأيادي كردية، ويذهب بعضهم إلى التطرق للنظام الكونفيدرالي مع الحكومة القادمة في سوريا، كأن يستقل الكرد في سوريا كدولة ويشكلون اتحاداً كونفيدرالياً مع الدولة السورية.. وهذا الطرح لا يلاقي الدعم الكافي بين النخب الكردية.
على العموم: السجال مازال قائماً، ولا يبدو في الأفق القريب التوافق على صيغ للتعايش ترضي الجميع.