تاريخ الكورد وكوردستان (الجذور القومية)
بلقيس برزنجي
اتفق بعض الباحثين إن أول إشارة إلى لفظ الكرد بهذه الصيغة أكراد ظهرت بصورة واضحة عند المؤرخين المسلمين أمثال الطبري والمسعود خلال القرن التاسع يعني عام ٨٠٠ ق. م ومابعدها، مثلاً في تاريخ الطبري الجزء الثالث صفحة ١٧٥ عندما يتكلم عن فتح الأهواز يقول (فأقام أمراء الأهواز على ما أسند إليهم وأقام الهرمران على صلحه يجبى إليهم ويمنعونه وان غاوره أكراد فارس أعانوه). أما أصل كوردستان فظهر في أيام السلطان الخوارزمي التركي (علاء الدين اتسز). لما وصف المنطقة الممتدة من جورجيا إلى لورستان في شرق كوردستان بأنها أرض الكرد هذا الكلام خلال منتصف القرن العاشر الميلادي اذا قبل هذا ماذا كان يسمون يعني قبل المسعود والطبري وقبل الإسلام وقبل الميلاد.... اتفق الباحثون أن الكرد هم سكان زاغورس، وزاغورس تعني شروق الشمس وشعوب هندو أوروبية اندمجوا أيضا مع سكان زاگورس عندما نتكلم عن تاريخ الكرد القديم يجب أن نستعين بآراء العلماء الذين خاضوا بدراسة الكرد والقيصرية الروسية اكثر من بعثت علماء ومستشرقين إلى أرض الكرد حتى يدرسوها، وجاء الكثير من الروس، وأظهروا نتائج متقاربة نوعاً ما.
سوف ننقل أبرز النتائج وهي: الرأي الأول:-رأي مار وهو علامة وصاحب مدرسة معروفة بمدرسة الجابتك عندما درس الشعب الكردي بأقسامه الأربعة شمال وجنوب وشرق وغرب كوردستان. درس عدداً من الجوانب والخصائص الاجتماعية (البنية الجسمانية، العادات والتقاليد، الزي، الغناء النابع من الحنجرة، لغتهم، العادات الدينية، َوالمناسبات الدينية وأدوات العزف). وتوجّه شمالاً نحو القوقاز، ودرس شعب جورجيا رأى أن هنالك شعب قديم سكن جورجيا عرفوا بشعوب (شعوب الكارت). وهذا الشعب عاش خلال القرن الثاني عشر ق. م. كانوا منتشرين على مساحات شاسعة من القوقاز وصولاً إلى جنوب شرق تركيا "شمال كوردستان" أثار فضوله وجود تشابه كبير بين (كارت، كرد) لذلك استنتج أن لربما اسم كرد ظهر لأول مرة بصيغة كارت لشعب جبلي الذي سكن القوقاز نزولا إلى شمال كوردستان -جنوب شرق تركيا. وللمعلومة إلى اليوم هنالك لغات في القوقاز تسمى (لغات كارتفليان) وملخص رأيه جاء وحسب ماينقله الدكتور محمد سهيل طقوش في كتابه "تاريخ الأكراد" ص٢١ تنص نظرية مار او نظرية العلامة مار ومدرسته المعروفة ب الجافتيك على تقاليد الشعب الكردي وخصائصه الاجتماعية "حيث يعتقد أن الأكراد هم السكان الأصليون لجبال آسيا الصغرى، وأنهم لم يغدو إليها من اي مكان آخر) ويوضح أيضا أن لغتهم تأثرت بالعنصر الهندي الآرامي، واستقلت بصورة تدريجية إلى لهجات الكردية المختلفة وهو الرأي الأول.
الرأي الثاني للقنصل الروسي فاسيلي نيكتن_في مدينة اورميه في شرق كوردستان وهو كان عالم انثروبولوجي أيضاً المهم انه يقول في كتابه كتاب الكرد ص٥٩ ما ملخصه (ان كل الشعوب القديمة التي سكنت جبال زاغروس وآسيا الصغرى يشتركون في تكوين أصل الكرد- الأصل الكردي بما معنى أن الشعوب الجبلية على اختلافها "كوتيين، ميتانين، گاشين، حيثيين والخ....." يشكلون أسلاف الكرد) والكثير من الباحثين أقروا أن هذه الشعوب هي شعوب هندو أوربية بالإضافة إلى الآراء أعلاه.
برأي الخاص أنا إن افضل من خاض في موضوع الكرد هو العالم الروسي (فلاديمير مينوريكسي) وكان رأيه وهو الرأي الثالث والأخير في الطرح، الآن ماذا فعل فلاديمير درس الكرد في شمال كوردستان ودرس القوقاز ودرس الفرس أيضا في دراسة شاملة وعميقة، وراجع التاريخ خاصة حملات العسكرية اليونانية في تلك المنطقة التي يتواجدون فيها أكراد في جنوب شرق تركيا شمال كوردستان، ودرس بالأخص الحملات اليونانية بسبب أن اليونانيين كان عندهم توثيق عجيب للأحداث وكتابة للأحداث من خلال المؤرخين أتى فلاديمير ورأى الحملات العسكرية اليونانية ماذا كتبت عن تلك المنطقة؟ رأى بأن القائد اليوناني "اكسينوفون" في حملته المشهورة بحملة "أنابس" عام ٤٠٠.ق.م.
ذكر أنه تصادم مع شعب عرف بشعوب الكاردوخ في شمال كوردستان، ووصفهم بأنهم مقاتلون جبليون أشداء ومتمردون لا يخضعون لسلطة ملك فارسي أو ارمني وانتبه فلاديمير أيضا ان الأراميين في سوريا كانوا يسمون نفس هذه المنطقة ب (بيث كاردا). يعني يسمون شمال كوردستان او حاليا المعروفة ب جنوب شرق تركيا من قبل المحتل يسمونها ب (بيث كاردا). وايضا كان الأراميون يسمون منطقة جزيرة ابن عمر على حدود السورية التركية باسم "كازرداتا كاردو" أما العرب قديماً فأسموا تلك المنطقة ب باقردا. وهذا أيضا ما طرحه ياقوت الحموي في معجم البلدان الجزء الأول ص٣٢١ف مينوريكسي يقول بأن تسمية الكرد كانت شائعة ولكن كانت بصفة الكاردوك او الكاردوخيين وايضا هو يؤكد أن الامبراطورية الميدية هم أسلاف الكرد، والآن نجمع عدة تسميات تسمية جورجيا القديمة لشعب يسمّى "كار" وتسمية عربية قديمة ب "باقردا" وتسمية يونانية "كاردوخ" وتسمية ارامية "كاردا "كل هذه التسميات كانت تطلق على شعوب سكان زاگورس وصولًا إلى جورجيا وشمالاً وشمال سوريا. جميع المستشرقين أجزموا أن الشعب الكردي هو شعب أصيل وقديم وسكن منطقة وانتشر بها على مراحل ولديه عاداته وتقاليده التي يتميز بها عن باقي الشعوب والكرد ظهروا بصورة واسعة خلال العصر الإسلامي، وظهرت هويتهم للعالم، وكان لهم تأثير قوي ويذكر في الكثير من الكتب التاريخية لما دخل الإسلام إلى شرق كوردستان كانت تحكم الإمبراطورية الساسانية بل وحتى هنالك كلام يثبت ذلك دار بين ملك الفرثيين وشاه ساساني اردشير، وهذا ماينقله محمد بن جرير الطبري في تاريخ الطبري تاريخ الملوك جزء الأول ص ٤٧٨.ملك الفرثيين وشاه ساساني اردشير مؤسس الإمبراطورية الساسانية. (انك قد عدوت طورك واجتلبت حتفك أيها الكردي المربى في خيام الأكراد من أذن لك التاج الذي لبسته والبلاد التي احتويت عليها وغلبت ملوكها وأهلها) وهنالك الكثير من الآثار الساسانية في شرق كوردستان أثار قصر شيرين وطابخستان الموجودة في كرمنشاه أماكن جميلة جدا وأثرية وأيضاً في بلاد الرافدين هنالك أثار ساسانية في محافظة ديالى تحديدا في شهربان -المقدادية وهي (آأثار تل الزندان، وقصر ملكي ساساني في شهربان قيد التنقيب يعود القصر لشاه خسروبرويز) الذي يعرف بكسرى ثاني الكثير من الآثار الساسانية موجودة في مناطق الكردية أو مناطق المحاذية لها، وفي هذا تراث هنالك قصة حب شيرين وخسرو، وهذا يثبت ان الساسانيين كرد ونقوشهم وقصورهم في شيراز شرق كردستان. يدخل الكرد الإسلام وأصبحوا ضمن الجيوش الإسلامية وانتشروا على مساحات واسعة وتوسعت أراضيهم وقراهم وصولا إلى نينوى خاصة في زمن العباسيين ازداد اهتمامهم بالجنود الترك والفرس واهملوا العرب وبصورة أخرى.
بدأ الكرد يظهرون للساحة بصورة اكثر. عام ٩٩٠ ميلادي وأثناء حكم البويهيين في ديار بكر رجل اسمه ابو علي بن مروان الكردي قام بإنشاء إمارة مستقلة في مدينة ديار بكر معلناً تأسيس الدولة المروانية التي امتدت إلى شمال سوريا، وكانت تحت حماية الفاطميين يشير الكاتب والمؤرخ الكردي محمد جمال بارود في كتابه التكوين التاريخي للجزيرة ص٢٣٥ اتخذوا من مدينة مي فارقين عاصمه لهم وكانت لغتهم اللغة الكردية الرسمية....في إمارتهم ونذكر لكم هجوم (باد بن دوسك الكردي) على الحمدانيين في الموصل والذي نقله الدكتور أحمد عدوان في كتاب الدولة الحمدانية في ص٢٢٧(وعلم باد بن دوسك الكردي بسقوط الموصل في يد الحمدانيين وكان هو في ديار بكر وكانت قد آلت له بعدما عقد صلحاً مع صمام الدولة البويهية فصمم على طردهم يقصد طرد الحمدانيين خصوصاً انه يعلم انهم يفتقرون إلى المال والرجال). انتهت الدولة المروانية الكردية على يد السلاجقة الأتراك عام ١٠٩٦ ازدادت أعداد الأتراك في الأناضول على حساب باقي القوميات..
يقول المؤرخ الكردي احمد بن يوسف المعروف ابن الأزرق عاصر الدولة المروانية وعاصر أيضا ملوكها وانتهاء حكمها يقول في كتاب مي_فارقين ص١٦١ عن دخول السلاجقة أول ظهور للترك في ديار بكر ولم يكن الناس قد رأوا صورهم يعني قبل السلاجقة ماكان هنالك أتراك في الأناضول إطلاقاً ولكن رغم من هذا انخرط الكثير من الأكراد في جيوش السلجوقية وحروبهم والذي يؤكّد هذا هو أبرز قائدين كرديين قد ظهروا في وقت الدولة الزنكية وهم أسد الدين شيركو وصلاح الدين الأيوبي أنهوا الدولة الفاطمية وأسسوا الدولة الأيوبية التي تعتبر سلالة كردية وهذا يعني ان الكرد لم يكونوا غائبين عن المشهد السياسي في الدولة الإسلامية
على اختلاف توجهاتها ومذاهبها.