صعوبة حل الأزمة السورية دون حل القضية الكردية
شادي حاجي
تعتبر القضية الكردية من أهم القضايا السياسية والأمنية والاجتماعية في المنطقة وفي سوريا، ولايمكن إنكارها وتهميشها، فهي فرضت نفسها على محوري أستانة وسوتشي والقمم الثلاثية شبه الدورية بين كل من رؤساء روسيا وايران وتركيا، وعلى محور جهود التطبيع العربي مع النظام السوري من خلال عودة سوريا الى الجامعة العربية حيث أن المحورين كثيراً مايصطدمان بمسألة القضية الكردية في كواليس مناقشاتهم وجلساتهم المغلقة غير المعلنة لا في تصريحاتهم ولا في بنود اتفاقاتهم وبياناتهم الختامية، ولكنها تبحث وهم مضطرون حول حاجة القضية إلى حل سلمي وعادل يلبي مطالب الجميع ويعزّز الاستقرار والتنمية في سوريا.
الجميع مجبر في مرحلة من المراحل على العمل من أجل حل القضية الكردية في سوريا من خلال إيجاد آلية لحوار جاد وبناء بين الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة السورية والقوى السياسية والعسكرية الكردية والتركيز على إيجاد حلول دائمة للقضية مثل الحقوق السياسية والثقافية والاقتصادية مع مراعاة مصالح الجميع وتوفير حماية للمدنيين وحقوق الأقليات الدينية والعرقية الأخرى وضمان عدم تكرار المشاكل والنزاعات في المستقبل.
حيث يمكن النظر في إدارة الأمور بطريقة أكثر فعالية من خلال إقامة هيئة إدارية للمناطق الكردية في سوريا، بالتعاون مع الحكومة السورية بالإضافة إلى التزام جميع الأطراف المعنية بوقف إطلاق النار وعدم استخدام العنف في حل النزاعات، وتعزيز الثقة بين الأطراف المتصارعة من خلال إجراءات مشتركة لبناء الثقة وتعزيز التعاون.
لا شك إن حل القضية الكردية في سوريا لن يتم بسهولة وفي ليلة وضحاها بل يتطلب خطاباً موحداً متماسكاً ومرناً من القوى الكردية وجهودًا دولية واسعة النطاق وتعاونًا بين الأطراف الأزمة السورية والدول الفاعلة في الأزمة وسيستغرق وقتًا طويلاً ، ولكنه يمثل فرصة كبيرة لإيجاد حل سلمي ومستدام للنزاع وتحقيق الاستقرار والسلام في سوريا .
هنا لابد من التطرق الى السؤال الذي يتكرر كثيراً بين أطراف الأزمة السورية، وبشكلٍ خاصّ القوى الكردية في سوريا والذي يفرض نفسه عند كل نقاش سياسي حول الأزمة السورية، وكيفية حل القضية الكردية وهو :
هل هناك إمكانية لنظام فيدرالي في سوريا ؟
نعم، يمكن أن يكون النظام الفيدرالي حلاً لنظام الحكم في سوريا كون سوريا متعددة القوميات والأقليات والأديان والطوائف، وحلاً للقضية الكردية في سوريا، إذا تم تطبيقه بشكل صحيح، وبمشاركة وتوافق جميع الأطراف المعنية وبدعم أمريكي أوربي ودولي وتضمين وتدوين بنود التوافق والحل في الدستور السوري القادم بشكل واضح وصريح وبلغة وعبارات مفهومة لالبس فيها ودون أية غموض .
يتضمّن النظام الفيدرالي توزيع بعض السلطات بين الحكومة المركزية والسلطات المحلية الإدارية على أن تكون هذه السلطات أعلى سقفاً من سلطات الادارة المحلية المتعارف عليها في سوريا سياسياً وقانونياً وأمنياً لأن الأمر يتعلق بالحقوق القومية والسلطات في إدارة شؤونها في مناطقها وعلى ضوء ماسبق ذكره أعلاه فإن النظام الفيدرالي يمكن أن يوفر إطارًا ملائمًا للتعايش السلمي بين جميع الأطراف إذا تم تنفيذه بشكل شفاف ومستقل، وضمان حقوق المكونات والمناطق المختلفة، وتجنب التمييز بين المناطق أو الأقاليم، وضمان التنمية الاقتصادية المتساوية وتوفير الموارد اللازمة لإدارة شؤون المناطق أو الأقاليم من خلال تفاهم وتعاون بين السلطات المركزية والاقليمية، وتجنب الصراعات المحتملة بين الأطراف، والعمل معًا لإيجاد حلول للمشاكل والتحديات التي قد تواجه النظام الفيدرالي.
أخيراً وليس آخراً أقول إن على الجميع أنْ يدرك بأنّ الشعب الكردي في سوريا ، بإصراره وتضحياته وطاقاته وبمساعدة حلفائه وأصدقائه، ستنتصر في معركته في حل قضيته العادلة، وأنّه يجب التعامل معها على هذا الأساس.... لقد آن الأوان أن يخرج البعض من حالة الانفصال عن الواقع، وأن يتخّلى عن آخر أوهامه، ويرى الأمور بواقعية وعقلانيّة، ويدرك بأنّه يمكن أن يحصل بالسياسة والدبلوماسية على ما لم يحصل عليه بالحرب؛ فالشعب الكردي لم يتنازل يوماً، ولن يتنازل عن ثوابته وخصوصياته القومية، حتى يتنازل عنها اليوم أو غداً علماً أنه في ذات الوقت يحمل رسالة سلام للشعب السوري بكل مكوناته ولشعوب العالم، لأنه يريد السلام للشعب الكردي في سوريا .